نُشِرَت بتاريخ 18 مايو 2011
***
طلب منى زميل الدراسة عبدالرحمن أن يحضر
قداساً في الكنيسة. لماذا؟ لا أعلم.
المهم أننا ذهبنا سوياً فعلاً إلى الكنيسة.
وبدأ القداس.
وبدأت معه ساعة من أعمق ساعات حياتي!
قدمت له كتاباً به نصوص أدعية وصلوات القداس ليتابعها قراءةً، ثم انخرطت أنا في دعائنا الذي يتكرر عشرات المرات أثناء القداس: "يا رب ارحم ... آمين". ولم يخرجني من تركيزي في الصلاة إلا ... صوت عبدالرحمن وهو يردد معي في مرة: "يا رب ارحم!"
لأ بقى اقف عندك.
انفصلتُ عن الواقع؛ انسان مصري مسلم يقف إلى
جانبي في كنيسة ويبتهل مع غيره من المصريين المسيحيين: يا رب ارحم!
ترى هل سمع الله مني في تلك اللحظة طلبي للرحمة، وأشاح بوجهه عن عبدالرحمن؟
هل وجدت الملائكة اختلافاً بين طلب الرحمة
الذي حملته من بين طيات نفس عبدالرحمن، وذلك الذي التقطته مِن نفوس مَن حوله مِن
المسيحيين؟
هل أحس واحد مِن الواقفين حولنا تبايناً بين
استدرار عبدالرحمن المسلم لمراحم السماء، وبين تضرعاتنا نحن المسيحيين؟
وإن كنتُ أنا بمسيحيتي على ضلال، هل شملني
الله بمراحمه مِن أجل طلبة عبدالرحمن الرحمى عني؟ وإن كان عبدالرحمن بإسلامه على
ضلال، هل نظر له الله بعين الرحمة استجابة لدعائي عنه؟
وسواء كان أي منا على ضلال أو على هدي، ألم
يكفِ أننا كبشر جرَّدَ كلٌ منا نفسه مِن زخارفها واقنعتها وبهرجتها، ووقفنا
متجاورين أمام الله، قلوبنا جرداء متعطشة لمراحمه تعالى؟
وحين انتهت الصلاة، وما أن تخطينا أنا وعبدالرحمن أسوار الكنيسة، حتى عدنا مرة أخرى إلى واقعنا البسيط: مصريان يعبران شارعاً مصرياً، يثرثران بلهجة مصرية حول هموم مصرية. وبينما توارت من ورائنا دار العبادة بأسوارها تدريجياً حتى اختفت عن أنظارنا مستويةً بخط الأفق، ظل الشارع المصري الواسع ممتداً أمامنا، لا نرى له نهاية، ولا نعرف عن السائرين فيه إلا أنهم مصريون.
مرة أخرى، لم نكن في احتياج إلى التغني
بشعارات "مسلم مسيحي إيد واحدة"، ولا حتى علقنا أنا وعبدالرحمن على
دلالة ذلك الموقف بالنسبة لوحدة النسيج والغزل والكِليم. فقد غاصت إلى أعماقنا
أدياننا، بينما طفت على السطح مصريتنا، ولم تُرَ لنا حينذاك هوية غيرها.
لذا فلتسقط "الوحدة الوطنية"، ذلك الشعار العقيم الذي نرفعه في وجه كل نزاع طائفي، فنصير كمن رأت قبحها في المرآة، فأخذت تزين وتلون صورتها المنعكسة على الزجاج!
تسقط الوحدة الوطنية وليحيا المصريون ولتحيا بهم مصر!
(طيب وإيه حوار العلمانية ده؟ اقراها تاني بتركيز هاتفهم قصدي)
1 comments:
لذا فلتسقط "الوحدة الوطنية"، ذلك الشعار العقيم الذي نرفعه في وجه كل نزاع طائفي، فنصير كمن رأت قبحها في المرآة، فأخذت تزين وتلون صورتها المنعكسة على الزجاج!
very true...
Post a Comment