للزوار الجدد: لحظة من فضلك! نرجو الاطلاع على سياسة المدونة قبل قراءة التدوينات

Thursday, March 15, 2012

الهزل والدعابة: مشروع قانون حد الحرابة

هي احدث حلقات مسلسل الكوميديا السوداء التي نشهدها منذ "بزوغ فجر" تيار الاسلام السياسي. فبعد مونولوج "المؤذن تحت القبة"، ونكتة منع تدريس اللغة الانجليزية، خرج علينا هذا الجهبذ بأكبر خطر: مشروع قانون تنص عقوباته على قطع الأيدي والأرجل والصلب. هاكم نص الخبر من جريدة المصري اليوم، ثم اعلق على عدة نقاط فيه.





"وقدم «العزازى» مشروع القانون، قائلاً: «إنه شرع الله ولا خيار لنا فى تطبيق شرعه وحكمه، كما قال تعالى: (إن الحكم إلا لله)»."
هنا جوهر الاختلاف بين التيار العلماني والتيار الديني (أياً كان الدين). نحن العلمانيين لا ننكر على النائب المتحمس ايمانه بأن شريعة دينه هي شرع الله، ولكننا نرفض أن يفرض هو اعتقاده على مَن حوله. فكما يرى النائب أن شريعة دينه هي كلام الله، يرى آخرون من غير المسلمين أن شرائعهم هي كلام الله وهي الاولى بالاتباع. فبأي حق يفرض النائب وكتلته معتقدهم الديني على غيرهم؟ بحق الأغلبية؟ اذاً فلتتغير اسس دستورنا وقوانينا مع تغير الاغلبية كل دورة برلمانية! فكلٌ يرى عقيدته على حق، بينما غيرها من العقائد على ضلال، فإذا سمحنا لكل بفرض معتقده، دخلنا في دوامة ديكتاتورية الاغلبية، ومنها الى انتهاك حقوق الأقليات الدينية، لأن الحاكم باسم الدين سيضطر إن آجلاً او عاجلاً أن يحارب اعداء دينه؛ فكيف ينصر دينه، الحق الالهي كما يؤمن، وهو يسمح للناس برفضه ضمناً اذ هم باقون على عقائدهم المغايرة؟
العلمانية هي الحل. فالعلمانية تبحث عن المساحات المشتركة بين مختلف الاطياف ثم تقننها، اما نطاقات الاختلاف، تنحيها العلمانية جانباً، ولا تجعلها قانوناً ملزماً، منعاً لتصنيف المواطنين بناءاً على معتقداتهم الدينية.
"وتتنوع العقوبات فى مشروع قانون (حد الحرابة) بين الإعدام قتلاً، وقطع الأيدى والأرجل من خلاف أو القتل أو الصلب."
المادة 5. لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.
فلا عجب حين نجد دولاً "اسلامية" (ليبيا والصومال والسودان وتركمانستان واوزباكستان والسعودية وسوريا) تشكل اكثر من ثلث انتهاكات حقوق الانسان على مستوى العالم في عام 2011 (طالع الاحصائية هنا. اترك دلالة المعلومة للقارئ النبيه.
وقد يرفض النائب وكتلته الالتزام بمادئ كفار الغرب، فنسأله اذاً: بعد تنفيذ احكام قطع الأيدي والأرجل والصلب، ما فائدة النقد والاستئناف؟ وماذا لو ظهرت براءة المتهم بعد تنفيذ احكام البتر؟ هل يجب حينئذ على من اتهمه زوراً التبرع بطرفه ليزرع في جسد المظلوم؟ وهل يطبق الحد على المسلمين فقط، فيكون تمييزاً فجاً بين ابناء الوطن الواحد؟ هل تقام الحدود على غير المسلمين ايضاً، فيكون هذا فرضاً لشريعة دينية غير شريعتهم عليهم؟
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 18. لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.
"وإذا كانت الجريمة مجرد إلقاء الرعب على الآمنين يتم حبس الجانى حتى تظهر توبته. وتنص المادة الأخيرة من المشروع على سقوط حد الحرابة فى حق من يعلن توبته من الجناة."

قمة الفكاهة! ما هي مقاييس التوبة؟ هل التوبة حركات يؤديها الانسان؟ أم كلمات يقولها؟ أم هي حالة قلبية لا يعلمها إلا الله؟ فإن كانت التوبة حالة قلبية يعلم الله وحده صدقها، انهار مشروع القانون ذلك – فأين لوزارة الداخلية أن تفتش في قلوب الخلق؟

أما ان كانت التوبة طقوس وحركات واقوال تحدد في مواد القانون، فما اسهل افتعالها وتمثيلها وايهام المسئولين بتوبة الجاني، فتسقط عنه العقوبة. وتصير حينئذ مهنة المحاماة مزيجاً من كورسات التمثيل والكهنوت والتلاعب بالقانون. ارجوكم ارحموا عقولنا من هذه السخافات!

"وقال النائب إن القانون هو النبتة الأولى لمجلس الشعب لتطبيق شريعة الله فى الأرض، وقال أيضاً إن المصريين أعطوا أصواتهم للإسلاميين لهذا المقصد، وسنواصل تقديم بقية مشروعات القوانين لتطبيق بقية الحدود."
بخلاف قضية "شريعة الله" التي ناقشناها في أول المقال، يدَّعي النائب أن المصريين اختاروا الاسلاميين رغبة في تطبيق الشريعة! لا اعلم أي مصريين يتكلم عنهم النائب! انزل الى الشارع واسأل المارة: ماذا تريدون من البرلمان؟ اجزم ان ردودهم ستدور حول انابيب البوتاجاز وطوابير العيش والبطالة والثانوية العامة وزحام المواصلات وقمامة الشوارع – واجزم ان احداً لن يذكر الشريعة!

هذا الفيديو دليل واضح جداً على كلامي. نسمع فيه سكان العمرانية يتحسرون على انتخابهم نائب حزب الحرية والعدالة، حزب "الاسلام هو الحل"، ونراه يعاملهم كمن يعامل الخدم لا المواطنين الذين حمَّلوه مسئولية دائرتهم.

"وعلق النائب العزازى، صاحب الاقتراح: إن بعض الناس لا يأتون إلا بالعقاب الرادع، والعقوبات الوضعية (القوانين الحالية) غير رادعة، وأشار إلى تدنى نسبة ارتكاب الجرائم فى المملكة العربية السعودية التى تطبق حد الحرابة مقارنة بالدول الأخرى."
اشك ان النائب توقع أن يوجد بين صفوف الشعب انسان "فاضي" يفتش وراء دقة معلوماته. فمثلاً، طبقاً لإحصائيات الأمم المتحدة عام 2002، جاءت السعودية في المركز 48 من 82 دولة هي الأعلى في معدلات الجريمة. والحق يقال انه سجل جيد، حين نأخذ في الاعتبار أن الدول ذات معدلات الجريمة الأعلى في تلك السنة هي (تنازلياً) الولايات المتحدة الامريكية ثم المملكة المتحدة ثم المانيا ثم فرنسا!
لكن فات النائب ان الجريمة في آيسلاند مثلاً اقل من السعودية (المركز 52). أليس من الافضل اذاً ان نطبق القانون الجنائي الآيسلاندي؟ هل يعلم النائب ان نسبة جرائم القتل في آيسلاند عام 2010 وصلت الى 0.31% (أي عدد القتلى من كل 100،000 نسمة) مقارنة بـ 1.04% في السعودية (هنا)؟ وهذا مع أن حكومة آيسلاند لا "تردع" مواطنيها بالعقوبات الوحشية التي يدعي النائب أنها الحل – فقد الغت آيسلاند عقوبة الاعدام كليةً عام 1928م، واضاقت مادة في قانونها عام 1995م تمنع أي محاولات لاعادة عقوبة الاعدام.
إنها العقلية القبلية، التي لا ترى في المجتمع الا سيداً يَردَع أو مسوداً يرتدع!
طبعاً النائب لا يعرف هذا كله. فلكي يعرفه، ينبغى أن يقرأ عن ثقافات مجتمعات الدول الأجنبية. ولكي يقرأ، ينبغي أن يجيد لغة أجنبية، على الأقل الانجليزية. لكن كيف يجيد الانجليزية، وهو ينتمي لحزب نادى احد اعضائه بمنع تدريس الانجليزية في المدارس لأنها مخطط اجنبي؟  



اقرأ مناظرة حول التدوينة السابقة مع أحد شباب الإسلاميين هنا

2 comments:

عصام يحيى said...

نازية جديدة باسم الدين

Mola said...

Akthar mn ra2e3a ... Keep'em coming ^^

Post a Comment