للزوار الجدد: لحظة من فضلك! نرجو الاطلاع على سياسة المدونة قبل قراءة التدوينات

Friday, February 10, 2012

للمصريين المسيحيين: بل العصيان المدني من الدين



رغم رفضي القاطع والنهائي لاقحام الدين في السياسة بشكل مباشر، الا انني لا استطيع السكوت حين يعلن رجال الدين آراءاً تحرك الملايين من المصريين في اتجاه معاكس لثورتنا ثورة الشباب، تلك الثورة المكلومة المظلومة! وقد سمعنا آراء اسلامية عديدة تؤثم العصيان المدني، وسمعنا الآراء المقابلة رداً عليها – وكأن ذبح الشباب والتواطؤ والتحايل وانكار الوقائع المسجلة بالفيديو ليس اثماً!

هذا اذاً رد من مصري مسيحي على مَن يرفض الحلول الثورة الحاسمة الفاصلة لاسباب "دينية"... واترك لعقولكم وضمائركم الاختيار!

كلمة اوجهها للمصريين المسيحيين المتعللين بوصايا دينهم بـ"المحبة المسيحية والتسامح" في تأييد تحية البابا شنودة وشكره للمجلس العسكري في قداس عيد الميلاد المجيد 6\1\2012، والرافضين للعصيان المدني لأنه ضد تعاليم الدين كما يزعم البعض – رد ايضاً من الدين


المحبة والتسامح هما من جوهر الايمان المسيحي. معلوم. بل يُعَلِّم المسيح اتباعه ان يحولوا الخد الآخر لمن يلطمهم على الخد الأيمن (متى 39:5)، وحين سُئَلَ: كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟ اجاب: لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ (متى 21:18-22). ولكن هذا فيما يتعلق بما قد يُعَطِّل رسالتك كمسيحي، او بما يتعلق بتمسكك بوصايا ايمانك. ولا يعني اطلاقاً السكوت على كل اشكال الظلم! فالمسيح نفسه اعترض على صفع جندي له بدون وجه حق، قائلاً اياه: إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟ (يوحنا 23:18). السيد المسيح لم يعترض على الظلم الواقع عليه بصلبه، اذ أن الصليب كان رسالته الأسمى، لكنه لم يسكت ابداً على الظلم الذي لا طائل من وراءه! وهكذا بولس الرسول؛ لم يعترض على الظلم الواقع عليه حين حُكِمَ عليه بالاعدام بسبب كرازته بالمسيحية ورفضه عبادة الاوثان، اذ أن الوصول الى جوار الله بالتبشير والاستشهاد في سبيله كان رسالته الاسمى. لكنه اثناء حياته تمسك بحقه المدني كمواطن روماني في عدم التعرض لأي عقاب بدني دون محاكمة عادلة، حين لم يكن تنازله عن حقه تحقيقاً لهدف اثمن واغلى: قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ الْوَاقِفِ:"أَيَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَجْلِدُوا إِنْسَانًا رُومَانِيًّا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ؟" وَلِلْوَقْتِ تَنَحَّى عَنْهُ الَّذِينَ كَانُوا مُزْمِعِينَ أَنْ يَفْحَصُوهُ. وَاخْتَشَى الأَمِيرُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ، وَلأَنَّهُ قَدْ قَيَّدَهُ (أعمال 25:22-29). وهو موقف تكرر في واقعتين مختلفتين: في فيلبي (راجع سفر اعمال الرسل 16) واورشليم (راجع اعمال الرسل 22).


اما الظلم "الجمعي" الواقع علي بصفة غير صفتي كمسيحي يحق لي ان اتصدى له واوقفه بكل سبل المتاحة، بل واجب علي رفضه ومنعه بكل الطرق الممكنة والصائبة، اذ ينطبق عليه في هذا الموقف كلام الكتاب المقدس:


  • اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ (عبرانيين 3:13)
  • أَنْ يَدُوسَ أَحَدٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ كُلَّ أَسْرَى الأَرْضِ، أَنْ يُحَرِّفَ حَقَّ الرَّجُلِ أَمَامَ وَجْهِ الْعَلِيِّ، أَنْ يَقْلِبَ الإِنْسَانَ فِي دَعْوَاهُ. السَّيِّدُ لاَ يَرَى! (مراثي 34:3-36)
  • مُبَرِّئُ الْمُذْنِبَ وَمُذَنِّبُ الْبَرِيءَ كِلاَهُمَا مَكْرَهَةُ الرَّبِّ (امثال 15:17)
  • اَلرَّجُلُ الظَّالِمُ مَكْرَهَةُ الصِّدِّيقِينَ (امثال 27:29)
  • لاَ تَرْتَكِبُوا جَوْرًا فِي الْقَضَاءِ (لاويين 35:19)
  • اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. يَقْضِي: "حَتَّى مَتَى تَقْضُونَ جَوْرًا وَتَرْفَعُونَ وُجُوهَ الأَشْرَارِ؟ اِقْضُوا لِلذَّلِيلِ وَلِلْيَتِيمِ. أَنْصِفُوا الْمِسْكِينَ وَالْبَائِسَ. نَجُّوا الْمِسْكِينَ وَالْفَقِيرَ. مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ أَنْقِذُوا." لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. فِي الظُّلْمَةِ يَتَمَشَّوْنَ (مزمور 1:82-5)
  • وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَقْضُونَ أَقْضِيَةَ الْبُطْلِ، وَلِلْكَتَبَةِ الَّذِينَ يُسَجِّلُونَ جَوْرًا لِيَصُدُّوا الضُّعَفَاءَ عَنِ الْحُكْمِ، وَيَسْلُبُوا حَقَّ بَائِسِي شَعْبِي (اشعياء 1:10-2)

اذاً تسامح كما شئت فيما يتعلق بحقك الشخصي، حين يكون التمسك بكامل حقك على حساب تمسكك بايمانك وهدفك الاسمى. لكن حين يكون الظلم واقعاً عليك بصفتك كمواطن مصري، ولا مبرر اسمى او اعمق للتسامح وتحمل الظلم – كما رأيتَ في مواقف السيد المسيح وبولس رسوله اعلاه، وحين يكون في تنازلك عن حقك مدخل للافتئات على حقوق الملايين غيرك، فيجب عليك حينذاك الزئير:


إحنا الشعب الخط الأحمر! يسقط يسقط حكم العسكر!


0 comments:

Post a Comment