للزوار الجدد: لحظة من فضلك! نرجو الاطلاع على سياسة المدونة قبل قراءة التدوينات

Friday, May 11, 2012

إشمعنى اللبان الدكر حجابه شفاف




شكر خاص للصديقين د. إسلام أبو الوفا على مراجعة التدوينة، و نادر ابراهيم على فكرة العنوان.
---

مصمم الصورة دي والموافقين عليها اللي بيلزقوها في المدرجات والمواصلات وبينشروها على فيسبوك،
أفهم من كده إنكم شايفين:

  • البنت بونبوناية مركونة على رف مستنية اللي "ياخدها" و "يفتحها" و "يتلذذ بيها"؟
  • البنت "شئ"، مالهاش إرادة ولا قدرة إلا إنها تستسلم للي بيعمله فيها الدبان اللي بيتلم عليها؟
  • كل الناس عقلياتها ونفسياتها زيكم: لو شافت أكتر من وش البنت بتتسحل في حالة سعار جنسي وتنهش البنت؟
  • الشهوة بتتولد فيما تراه العين، لا فيما يصوره ويستحضره العقل؟


عندك وصية دينية بحجاب أو غيره، التزم وادعُ للالتزام بها بأدلة وبراهين فقهية ودينية وقِيَمِيَة على عيننا وراسنا، بس بلاش خلط الأمور كده والاستخفاف بعقول ونفسيات الناس!


هو الشخص اللي بيمد إيده على حاجة مش بتاعته، حلها نغطي الحاجة ولا نظبَّط الشخص؟ يبقى نِلِف البنت ولا نلم اللي بيعاكس والمتحرش؟


تعرفوا إن الدول الغربية بتنشر تحذيرات في سفاراتها عندنا لرعاياها "احترسوا من التحرش الجنسي في شوارعهم"؟


مش مصدقين؟


ده مثلاً تحذير انجلترا لرعاياها (هنا):

Reports of cases of sexual assault cases against British nationals-have increased during and since the unrest of January/February 2011. In 2011, we handled 20 cases of sexual assault and six cases of rape. Some assaults were against minors. Many occurred in what were considered to be safe environments e.g. hotel premises. Assaults have also occurred in taxis and on microbuses. If travelling on microbuses, be aware of your surroundings and avoid being the last passenger left on the bus.

ودي كندا (هنا):

Women in particular should avoid demonstrations and large gatherings as there have been reports of serious sexual assaults. Once surrounded by a group it can be difficult to escape.

لو بمنطقكم، يبقى مين اللي يحذر من مين؟ هما اللي يحذروا رعاياهم عندنا مننا، "أكتر شعب متدين"، ولا إحنا اللي نحذر رعايانا عندهم منهم، شعوب العربدة والمجون والخلاعة؟

يبقى المشكلة في ذكور مجتمعنا ولا إناثه؟

يا سيدي افرض البنت لابسة ضيق سنة ولا قصير حبة، وانت عندك حرمان جنسي على ما قسم  وغريزتك مشعوطاك - لو انت مفلوق جوع وماشي في الشارع، بتهجم على أول مطعم يقابلك وتخطف قدرة الفول تفتك بيها، ولا بتلم غريزتك وتسيطر على احتياجك وتشبعه بطريقة سليمة في المكان السليم والوقت السليم؟ يبقى ماتقوليش "البنت لما باشوفها كده بتحرك غريزتي ومابقدرش احكمها". ممكن اعذرك لو ده موسم التزاوج وانت كلب بلدي وطلبت معاك تركب أول كلبة تقابلك في عرض الشارع – بتحصل، بنشوفها، وبنعذرهم، لأنهم كلاب. لكن طالما انت محسوب علينا بني آدم يبقى تلتزم بمبادئ وقواعد إنسانيتنا. لو مُصِّر إن البنت هي اللي بتثير غريزتك وبتفقدك سيطرتك على نفسك، يبقى تكَمِّل الحالة بقى وانزل على أربعتك واسرح في الشوارع قَلِّب في الزبالة مع الكلاب الضالة – هو ده الوسط المناسب للمنطق اللي انت بتقدمه. لأن من أول الخطوات في الفصل بين الإنسان والحيوان كان قرار الإنسان إنه يسيطر على غرائزه وينظمها مش هي اللي تمشيه.

وإياك تستنصح وتقول أنا بانادي بالعري والابتذال! وكأن يعني البديل الوحيد للف البنت إنها تنزل الشارع بالـ thong والـ pushup bra على الجزمة الباليرينا.

ظبَّط منظورك للدنيا. بلاش عقلية إن الدنيا أوضة نوم كبيرة وكل حاجة مآلها السرير. اعتقد إحنا الشعب الوحيد اللي عنده عكس "الخارجة"، جنازة الميت، مش الولادة إنما "الدُخلة"! فطبيعي إطار فكري زي ده ينتج نواب برلمان شايفين الدنيا من عند منطقة العانة... اسم النبي حارسهم أول ما دخلوا تحت القبة أول حاجات جَت على دماغهم كان منع مواقع السكس وتقديم سن الجواز لـ 14 سنة.

على فكرة يا حِمِش انت وهو، العفة مش سلوك خارجي. العفة توجه داخلي ينعكس على السلوك الخارجي. العفة مش الثمرة، دي البذرة. وفي مجتمعنا ده بالحالة دي، اللي محتاجين بذور العفة تنغرس جواهم هما الذكور الشبقين أكتر من الإناث ضحايا النظرة الذكورية الدونية (ولو إني متأكد إن العقلية اللي تصور لراجل إن البنت هي السبب في تحرش الراجل بيها تعجز تماماً عن استيعاب آخر جملة دي).

Wednesday, April 25, 2012

اغتصاب جماعي يومي مُتجدد

مقال محزن ومخزي لكل رجل يسمح بأن يحدث ما جاء فيه أمام عينيه دون أن يتدخل، قرأته على صفحات الفيسبوك. إقرأه على الصفحة الخاصة بكاتبته الأصلية (هنا).
----------------------

النوت دي الفاظها خارجة، بس مش اخرج من انها حقيقة ... بالتالي فـ اللي مش عاجبه كلامها، يطلع برة


.
النوت دي هي تجميع لكل الكلام الممتع اللي بسمعة في شوارع القاهرة طول ما انا ماشية، انا بس فكرت اكتبهم يمكن في رجالة اعرفهم او اشباه رجالة شايفيين ان المعاكسة مداعبة لطيفة او ان لبس البنات هو السبب او السفالات الأعلامية المتعارف عليها..


حبيت بس اشوف هل الكلام ممكن يفرق مع التطنيش العام في رجالة و ستات مصر لما بيشوفوا واحدة حد بيطلع دين اللي خلفوها في الشارع .. انا بقى مش هقعد اقولكوا انتوا عارفين شكل لبسي ايه او انا بمشي كويس عشان طظ يعني مش مضطرة البس اصلا لبس يعجب المتُحترش الحيوان او اللي المفروض يبقى راجل او ست عندها شرف و لما يشوفوا حاجة زي دي ميسكوتوش.


  • بـ**** حلوة
  • هزي هزي
  • طويل على فكرة
  • عاوز احطه
  • ش***** حلوة
  • نفسي اشدك من بـ****
  • نفسي اشدك من شعرك
  • ك** حلو؟
  • عاوز انـ**
  • لو عديتي من هنا تاني هــ**
  • بتعرفي تــ ؟
  • بتاعي و***
  • طـ*** جامدة على فكرة
  • رجليكي حلوة
  • هبوس صوابع رجليكي
  • تعالي و هـ*** براحة
  • متـ***
  • هركــ* عليكي حالا
  • مش هسكت غير لما انيـ**


ده الكلام الرومانسي الجميل اللي بيتقال في كل حتة، و اللهي ماشية في شبرا، مصر الجديدة، على سلالم المترو، في الزمالك، في وسط البلد، مصر مليانة عالم قذرة الحقيقة ..


دول بقى غير المرات اللي بنتعرض فيها لوصلة ميكينج سكس كاملة، بمعنى ان في "بني ادم" مريض يفضل ماشي ورا واحدة ويقعد يقولها بالتفصيل ازاي بيحلم يغتصبها مثلا، و الخطوات المُبهجة اللي هيقوم بيها في سبيل تحقيق الفعل ده و لو هي بُصت وراها طبعا يقوم يحوّد او يبعد و لما يطمن انها ماشية و مش هتطلع عين اهلة يكمل وصلة السرير الرخيصة..


ده غير بقى لما واحدة تكون ماشية و تلاقي واحد علا حسة و قال لواحد تاني واقف في مسافة ابعد كتير: "في واحدة جايالك قابل" و لما البنت بقى ميبقاش في اي طريق تحود منه و تضطر تمشي لغاية الحيوان التاني، تسمع نفس الوصلة من الحيوان التاني مع ضحكات لطيفة من الشعب المستهبل المتلقح في الشوارع..


ده غير لما واحدة تكون واقفة في المترو و يقسم عليها تلات اربع عيال اد عيالها مثلا و البشرية بردوا تبقى واقفة تُمارس تنبلة لا مثيل لها.


ده غير بردوا جنبات المترو او الأتوبيسات حتى طابور تذاكر المترو اللي جنبه الجامع العظيم بتاع المحطات، و الناس اللي بتلزق بمنتهى الصفاقة و الجرآة ولا اكنه مكان عام و مفتوح ومفضوح و الناس بتتفرج عليهم عادي اكنهم بيشوفوا فيلم بورن.


حاجة كمان مهمة، شد الشعر و شد اعضاء الجسم او ضربها .. اعتقد ان عدد المرات اللي صدري اتمسك من اهل مصر، تعادل مثلا ربع عدد المرت اللي نزلت فيها الشارع....


ده غير ضرب المؤخرات، احيانا بحس اني مش ماشية في الشارع و اني قاعدة في سرير كبير و في ناس بتبدل عليا..


ده غير اني مرات كتير بالليل ممكن حد يمشي ورايا و ادخل محل استنجد بيه يقولي و انا مالي، و حصلت من اربع سنين في عرض الشارع وطلبت حد يساعدني و لا حد عبرني عادي يعني، ولا حتى حد رضي يشهد..


طبعا انا عن نفسي بضرب و بتخانق عادي يعني، بس مهما عملت يعني، من الأخر، الكلام ده في منتهى المرض، بيأذي الودن و يدمر الأحساس فترة، الواحدة بتحس بأختراق لمنطقة فراغها و هي ماشية في الشارع، بحس اني من اول الشارع لأخرة بيتمارس عليها عملية اغتصاب جماعي.


المشكلة مش في المتحرش بس، في الناس اللي بتتفرج، ايه كمية اللامبالاه دي، انا مبستناش حد ياخدلي حقي، بس لو سحبت نطع رُحت بيه القسم، محدش هيشهد اصلا .. حتى لو مش مطلوب منه يشهد بس حالة التشفي ف العيون لما حد يتحرش بيا، بتحتم فعلا فعل الضرب و رش الأسبراي ف العيون و الضرب في الحتة القاضية.


في مرات كتير ببقى طالعة من المترو متّحَرّشَة و يجي واحد يضربني، وواحد يمسك صدري وواحد يسمعني فيلمة المثير لدرجة مرة وقفت ف نص الشارع اشتم و خلاص، كنت انا نفسي حاسة اني مجنونة.

انا عاوزة لما اسحب اي حيوان من دول القسم الاقي عادي حد يشهد، او ميبقاش مطلوب اني الاقي حد يشهد، عاوزة لما اي بنت تسمع ان في بنات غيرها اخدوا اللي ضايقهم القسم يتعلموا يعملوا كدة، يمكن ساعتها الخرابة اللي اسمها بلد اللي احنا عايشيين فيها تسن قوانيين محترمة ضد التحرش، مش تفكر اصلا انها تلغيها ..


ملحوظة: انا ناس كتير تعرف عني اني بطلت اخرج، و ناس عاشت الدور بقى تقولي متبقيش ضعيفة و الكلام السخيف ده، الأسوأ بقى اني بطلت امشي مع والدي في الشارع او مع اخويا الصغير، لأن بمنتهى السفالة هتبهدل بردوا معاهم .. ساعتها ايه اللي هيحصل؟ خناقة.؟ ضرب؟ احراج.؟ و على ايه .. انا بطلت كل ده ببركة الشارع المصري و بركة امثال عزة القرف.


لما بقول لناس اصدقائي اني مبخرجش متأخر عشان مبحبش تحرش الليل، في كتير منهم بيهزر و يقولي عارفين انك حلوة و مرعفش ايه .. عشان كدة حبيت اقولكم صريح الكلام اهو..


اخر ملحوظة: النوت مش مكتوبة عشان اصعب على حد، واضح جدا من كلامي اني ارجل من تلات ارباع الرجالة اللي منكم، ايوة منكم انتوا اللي بتتفرج على اي واحدة بتُنتهك في الشارع، وواضح للبنات اني اشجع من كتير منهم و اتمنى كلهم يبقوا زيي و يجرجروا الكلاب دول في الشوارع و يبهدلوهم، فأرجوكم، اي واحد ميعرفنيش انا مش هرد على رسايل من نوعية انا اسف و قلبي معاكي .. قلبك في قفصك الصدري الحقيقة و متعزونيش في نفسي انا جزمتي لسة في رجلي و شبشبي الزنوبة يقدر يطرقع على اجدع شنب فرخة ..


اخر ملحوظة نمرة اتنين، بتاريخ 24 ابريل: الهدف الوحيد من كتابة الكلام ده هو تشجيع البنات ميسيبوش حقهم، و انها مهما لبست او اتبصلها نظرة دونية فده مش غلطتها، اللي هيبصلك نظرة دونية هو نفسة اللي اتكلمت عنه فوق و مبيعملش حاجة، بيبص البصة دي لأنه انسان ضعيف و لو هتستني حد يدافع عنك تبقي بتثتبي انك ضعيفة ..


لو في اي سبب او نتيجة من النوت، هو اني القي على مسامعكم الكلام اللي بيتقال، عشان قُبح الواقع لا يتم التعامل معاه الا بالشجاعة في انتزاع الحقوق ..





Saturday, March 31, 2012

أبو إسماعيل، أسمعت عن المواطنة؟

لم تعد غرائب الكثيرين من رموز تيار الإسلام السياسي تفاجئني، فقد تيقنت من أنهم يدورون في نطاق ضيق محدد لا يخرجون عنه، وباتت أغلب آرائهم وتصرفاتهم متوقعة إن لم تكن معروفة مسبقاً.
لكنني اتعجب من الناس الذين يصدقون أولئك الرجال، ولا يراجعونهم فيما يقولون! بل يبررون جهلهم وقلة معرفتهم ودرايتهم، مستسلمين للخطاب العاطفي السطحي الذي يدغدغ به أولئك الرجال مشاعر العامة.
ومن ذلك الفيديو التالي للمرشح الرئاسي حازم صلاح أبو إسماعيل:



بدأ المرشح اقواله بورطة وهمية يريد اسقاط دلالاتها على الواقع المصري، فعرض قضية جنود أمريكيين مسلمين وجدوا حرجاً في آداء مهامهم العسكرية في قتال مسلمي العراق وافعانستان وغيرهما تحت امرة الجيش الأمريكي. كالمعتاد، يجهل المرشح الفاضل أن نظام الخدمة العسكرية في الجيش الأمريكي هو بالتطوع recruitment، حيث أن نظام التجنيد الإجباري conscription ملغي من الولايات المتحدة منذ عام 1973 (راجع هنا) (وإن كان هناك نظام الخدمة الانتقائية والذي يسجل جميع الذكور الأمريكيين البالغين، في حال احتاجت الدولة لأي تعبئة إجبارية؛ راجع هنا). إذاً فالجندي الأمريكي يختار التجنيد والانخراط في السلك العسكري بكامل ارادته، ويختار موقفه كمقاتل تحت لواء العم سام بل ويسعى إليه بنفسه. ولكنها وسيلة رخيصة من المتكلم لاستثارة والبناء على  عواطف مستمعيه ممن لا يعرفون حقيقة هذه القضية... و لِمَ لا؟ فلا أحد يعرف حقيقة الأمر، ولن يكلف أحد نفسه عناء التفتيش وراء أقوال الآخر!


هذا من حيث الدقة المعلوماتية. أما من حيث المفاهيم، فالمرشح حازم أبو إسماعيل يقدم فكرةً تعاكس مفهوم المواطنة الحديثة تماماً!


تُعَرِّف الموسوعة البريطانية المختصرة طبعة 2002 (Britannica Concise Encyclopedia) المواطنة citizenship بأنها "علاقة بين الفرد والدولة، لها عليه بمقتضاها الولاء وله عليها بمقتضاها حق الحماية. وتصاحب المواطنة، عموماً، الحقوق السياسية كاملة، بما فيها حق الانتخاب وتولي المناصب العامة. اما واجبات المواطن، عموماً، بمقتضى تلك العلاقة فهي الولاء، وسداد الضرائب، وتلبية نداء الخدمة العسكرية".


إذاً فواجب حمل السلاح حينما يدعو الوطن مثله مثل الولاء والإخلاص له، ومثله مثل دفع الضرائب. لا مجال للـ "اختيار" فيه، أو "إذا حبيت"، كما يقترح أبو إسماعيل. الخدمة العسكرية – خصوصاً في بلاد مثل بلادنا والتي تجعل أداءها إلزامياً – شرط أصيل من العقد المبرم بيني وبين الدولة لحظة حملت جنسيتها.


فإن أخذنا بمنطق أبي إسماعيل، ألا وهو الاعتذار عن أداء أحد شروط المواطنة مقابل دفع الجزية، أسأله: إذن هل يمكن أن اختار عدم الولاء لوطني – وهو من شروط المواطنة كالخدمة العسكرية تماماً – بالتجسس عليه مثلاً، مقابل دفع مبلغ من المال للدولة يعفيني من حفظ ذلك الشرط؟ طبعاً افتراض هزلي لا وزن له! وبه أكشف القيمة الحقيقية لحديث أبي إسماعيل المعسول.


أستاذ حازم، الحرب الدينية التي تفترضها أنت وأمثالك، ولأجل احتماليتها تقترح الجزية "رفعاً للحرج عن مسيحيي مصر" قد انتهت من الوعي الإنساني المعاصر، ولا يُنظَر إلى المحاربين باسم الدين – أي دين – في يومنا هذا إلا على أنهم إرهابيون، يبغون فرض الرأي والفكرة بالدانة والبارود. وهم كبير رسمه العرب لأنفسهم ونميته أنت وزملاؤك أن امريكا غزت العراق "المسلم"! عزت امريكا العراق الغني بالبترول! وهم كبير أن فرنسا تمنع الحجاب المسلم! منعت فرنسا الرموز الدينية كلها، مساوية في ذلك بين الصليب المسيحي والحجاب المسلم واليورمولكي اليهودي! وهكذا وهكذا، تريدون اقناع الناس أن اقطاب العالم الآن هي الشرق المسلم مقابل الغرب عدو الاسلام، فيُمَلِّك الشعب على نفسه رجال الإسلام ليقودوا الجهاد ضد اعدائه!


لا عجب إذاً حين نسمع من أقرانك في التيارات السياسية الإسلامية القول بأن المسلم الإندونيسي أو الماليزي أقرب للمسلم المصري من المصري المسيحي!


اسألك سؤالاً – أنت وتيارك – ناقش جوابه مع نفسك: هل يمكن للمواطنة والانتماء العقيدي أن يتعارضا؟


أما بالنسبة لي، فجوابه محسوم. أنا مواطن مصري علماني. والمواطن العلماني ولاؤه الأول لوطنه، لا مرشده أو مفتيه أو اميره أو بطريركه، دون احتياج لاعتراف رسمي بهوية دينية أو عرقية، ودون انكار ايضاً لأي هوية دينية أو عرقية! فالدولة العلمانية لن تراني إلا كمواطن مصري. العلمانية تتعامل مع المواطن بصفته كفرد لا كعضو في مجموعة، وبذلك تحرر قراره ورأيه السياسيين من أي ضغط أو تخويف ديني خارجي. العلمانية تعلي من شأن الفرد في مقابل ضغط الجماعة، والضمير الفردي في مقابل التوجيه الجمعي.


العلمانية هي الحل، بالانتقال من دولة المتدينين إلى دولة المواطنين!




دراويش الميدان

لم يكن تغلب بعد على الخوف ، يسمع صدى الصوت يتردد فى الشوارع الجانبية للميدان "إذا أردت أن تكن من اهل الميدان فأذهب إلى مسجد (عمر مكرم) أولاً".



يذهب إلى المسجد كمن سبقوه ليلقنه الشيخ ترنيمة الثورة ويعطيه جلبابًا ناصع البياض وعباءة سوداء وقبعة بنية عالية، ثم يطلب منه أن يذهب إلى كنيسة (قصر الدوبارة) لكي يُلبسه القس ملابسه الجديدة ويُعلمه حركات الدوران .


يعود إلى الميدان مع آلاف يرتدون مثله، يشعر بدقات قلبه حين يسمع أصوات الرصاص وقنابل الغاز .



يحذره الجميع من الجري حتي لا يتعثر وتتسخ ثيابه، الأبيض لايجب أن تطوله الشوائب، فقط يسير بهدوء فى الصف مع الثوار الجُدد حتى يصل إلى ( صينية ) الميدان لتبدأ المراسم بالإلتفاف حول جسد شهيد مُكفن بعلم مُخَضَب بالدم .



يخلع عبائته السوداء فيشعر برعشة خفيفة تسري في جسده، يرفع يده اليمنى نحو السماء فيحس بالراحة، يضع يده اليسرى نحو الأرض فيشّم رائحة البارود والتراب المختلط بالدم.



يبدأ الدوران عكس عقارب الساعة ببطء حتى يرتفع فوق الأعناق داخل صندوق خشبي يحمله أبوه وأصدقائه،


يسمع
صراخ أمه


وزغاريد جدته


ويلمح خلف جنازته البنت التي أحب


تدمع دون صوت...


يزيد من سرعة الدوران لينفتح أسفل جلبابه أكثر فيرتفع عاليًا فوق سُحب الغاز المسيل للدموع والرصاص


ليفقد عينًا فى (محمد محمود)


وتخترق رصاصة صدره في (القصر العيني)


لم يشعر بالألم


فقط الراحة.



يدور بسرعة أكبر عكس عقارب الساعة حتى يرتفع فوق بنايات (التحرير) التى تضائلت فلم يعد يراها .



يرتفع أكثر إلى أن يصل السحاب ليدخل الرحم الذي كُتب عليه أسمه، يسبح فى الماء والدم معلقًا بحبل سُري كي يتمكن من التنفس، يسمع أصواتهم خارجًا، ترنيمة الثورة وصوت الرصاص والهتاف .



يقرأ ما كُتب فوق حبله السُري "إذا ما أردت الحياة فأقبل القيد، حين تولد لابد أن تبكي حريتك كي تتنفس ".



يزيد من دورانه فيرتفع أكثر ويطمس ما كُتب فوق الحبل السُري ثم يقطعه و يندفع خارج الرحم .



يولد في الميدان


يضحك


يتنفس
 


لا يشعر بالخوف!





Thursday, March 29, 2012

بهدوء: مغالطات حول العلمانية

(هذه التدوينة منقولة من على صفحات فيسبوك، كاتبها مجهول الهوية – له\لها منا كل الشكر والتقدير)

العلمانية: إنها الحل
نعم العلمانية هي الحل، ولكن ليس في مواجهة شعار "الإسلام هو الحل". فالعلمانية ليست موازية للإسلام أو معاكسة له. فهما من جنسين مختلفين. الأول دين بينما الثانية تنظيم مدني.

ولهذا يصدق القول بأن الإنسان يمكنه أن يكون متدينا وعلمانيا في الوقت نفسه. كما أن ليس كل علماني هو ضد الدين، أو كل متدين هو ضد العلمانية.
وحين نقول بأن العلمانية هي الحل، فنحن نقصد أنها حل للصراعات الدينية والطائفية في منطقتنا، ووقف للهدر في الطاقات والإمكانيات ووقت البشر الضائعة نتيجة المشاحنات والنزاعات ذات الطابع الديني.

لكن قبل الاسترسال في الحديث، من الإنصاف أن نجيب على السؤال التالي: أي علمانية نقصد؟

هل هي تلك التي يقدمها بعض رموز الإسلام السياسي، ويصرون فيها على أنها تعني فصل الدين والشؤون الدينية عن الحياة؟ أي إقصاء الدين عن حياة الناس؟

المؤسف أن الغبار الكثيف الذي أثاره ويثيره الإسلاميون (وليس المسلمين) حول العلمانية منذ عقود، تمكن من حجب أهم معانيها وطبيعتها لدى العامة.

عامة الناس اصبحوا، نتيجة حملات التزييف والتضليل، يرددون أن العلمانية هي فصل الدين عن الحياة.

العلمانية التي نقصدها والتي يفهمها معظم سكان العالم هي فصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة السياسية (وليس الدين عن السياسة)، والفصل بين رجل الدين ورجل السياسة، والعكس صحيح ايضا: إبعاد المؤسسة السياسية عن التأثير في المؤسسة الدينية، وابعاد رجل السياسة عن فرض ميوله الدينية.

هذا هو التعريف الذي نصادفه في جميع المراجع الأجنبية تقريباً. أما المراجع العربية فيندر فيها ذلك.

من الطريف أنني لدى بحثي عن معنى العلمانية وجدت في موقع موسوعة الويكيبيديا على الانترنيت، أن تعريف العلمانية مختلف في اللغة العربية عنه في الانجليزية تماما.

في التعريف العربي نقرأ: "تأتي كلمة "علمانية" من الكلمة الإنجليزية
Secularism وتعني إقصاء الدين والمعتقدات الدينية عن أمور الحياة. ينطبق نفس المفهوم على الكون والأجرام السماوية عندما يُفسّر بصورة مادية بحتة بعيداً عن تدخل الدين في محاولة لإيجاد تفسير للكون ومكوناته".

أما في التعريف الانجليزي (الترجمة من عندنا) فنقرأ: العلمانية (
Secularism) في الاستخدام الحديث يمكن تعريفها إجمالا بطريقتين: الأولى، التأكيد على حرية التدين، وعدم فرض الحكومة لدين معين على الناس، وأن تكون الدولة محايدة في شؤون الاعتقاد، ولا تمنح امتيازات حكومية أو إعانات لأتباع الأديان.

والثانية، تشير الى الاعتقاد بأن نشاطات الإنسان وقرارته، لا سيما السياسية منها، ينبغي أن تستند على الأدلة والحقائق، وليس التأثيرات الدينية.

وما يبدو واضحا من المعنيين، هو أن النص الأول يقول إن العلمانية هي إقصاء الدين عن أمور الحياة، وبالتالي فالعلمانية هي ضد الدين وعامل نفي له.

بينما التعريف الثاني يشدد على حياد الدولة في شؤون الدين، وإبعاد الدين عن المجال السياسي.

طبعا بما أن الويكيبيديا هي موسوعة مفتوحة على الانترنت ويستطيع أي شخص أن يضيف أو يعدل فيها، فلا استبعد أن ممثلي الاسلام السياسي، ادخلوا مفهومهم للعلمانية هنا أيضا، كما فعلوا في المؤلفات والنصوص الأخرى بالعربية.

بينما لم يتمكنوا من ذلك في النسخة الانجليزية ربما لعدم اهتمامهم بالأمر، أو ربما بسبب معرفتهم باستحالة تضليل قراء يعرفون ويمارسون العلمانية في شؤون حياتهم.

هذا على مستوى المصطلح، أما على مستوى الواقع العملي، فنجد أيضا أن ممارسة العلمانية تعني خلاف ما يقوله منظرو الإسلام السياسي.

وسواء في أوروبا أو أمريكا فإن العلمانية لم تعن في أي وقت إقصاء الدين عن الحياة. بدليل وجود المؤسسات الدينية من كنائس ومساجد ومعابد يهودية وبوذية وهندوسية... الخ. وبدليل ممارسة أتباع هذه الاديان طقوسهم بحرية تامة، وفي ظل حماية الدولة.

بل أنه في بلد مثل أمريكا يجري على الدوام التذكير وإحياء المناسبات الدينية لمعظم الأديان. ويشجع المسؤولون الرسميون سواء على المستوى الفيدرالي أو المحلي الناس على التمسك بعاداتهم وتقاليدهم ذات المنشأ الديني.

كما يقوم المسؤولون بزيارة دور العبادة، والاجتماع مع ممثليها، في لفتات رمزية للترحيب والاحترام.

وفي المناسبات الوطنية الكبيرة يُدعَى ممثلو الأديان الرئيسية إلى الحضور وإلقاء كلمات.

وحتى في بلد يوصف بالتشدد في تطبيقه للعلمانية مثل فرنسا، لا يوجد أي إقصاء للدين عن الحياة أو شؤون الحياة.

فهناك أيضا يمارس الناس من مختلف الأديان، بمن فيهم المسلمون، عباداتهم وشؤون دينهم بحرية، وهم منظمون على المستوى المحلي، ولهم جمعياتهم ومؤسساتهم الدينية.

لكن بالطبع في جميع هذه البلدان لا يسمح أيضا بتداخل الديني والسياسي، كما لا يسمح بفرض أي دين أو معتقدات دينية على الآخرين، كما يحظر على الدولة والحكومة أن تحابي ديناً معيناً حتى ولو كان معتنقوه يشكلون الأغلبية في هذا البلد، أو تميز ضد دين آخر حتى وإن كان عدد أتباعه لا يزيد على عدد اصابع اليد الواحدة.

والملاحظ أيضا هو ان التدين لا يقل أو يضعف حيث تُطَبَّق العلمانية، كما أنه لم يثبت أن زاد التدين في البلدان التي لا تطبق العلمانية.

أما المتضررون من العلمانية فهم ليسوا عامة الناس، وإنما هم رجال الدين والمؤسسات الدينية. فهؤلاء اعتادوا على مر التاريخ أن تكون لهم سلطة وامتيازات في مواجهة العامة، يستمدونها من موقعهم الديني.

في ظل العلمانية يعود رجل الدين إلى دوره وحجمه الطبيعيين، وهو التخصص في شؤون العقيدة وتكون ساحته هي المؤسسة الدينية، ويكون الإنسان ـ المواطن، حر في أن يذهب إلى هذه المؤسسة أو لا يذهب، يأخذ برأي رجل الدين أو لا يأخذ.

وليس للدولة أن تعاقبه أو تحد من حريته لهذا السبب، كما أنه ليس لها أن تكافئه على هذا السلوك. فالدولة محايدة تجاه شؤون العقيدة والاعتقاد.

وقصارى القول إن العلمانية في حقيقتها ليست موجهة ضد الدين، فهي ليست دينا آخر، ولكنها وسيلة لتنظيم العلاقة بين السياسي والديني.

وقد أصبح وجودها ضرورة بعد نشوء الدولة الحديثة، التي باتت تتكون من جمهور المواطنين، بديلا عن جماعة المؤمنين، كما في الدولة القديمة.

ولأن الأساس في المواطنة هو انتماء المواطن الى الدولة والخضوع لقوانينها، في مقابل حمايتها له، على عكس الدولة القديمة (ما قبل الحديثة) التي كانت تقوم على الانتماء الديني، فإن فصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة السياسية، يهدف في الأساس إلى حماية فكرة المواطنة وترسيخها. أي حماية أحد ابرز الأسس للدولة الحديثة.

ولما كان الأمر كذلك، فإن العلمانية تصبح شرطاً لا بد منه للانتقال من دولة الأديان إلى دولة الأوطان، ومن دولة المتدينين إلى دولة المواطنين، ولذلك قلنا إنها الحل.


Friday, March 16, 2012

اسلامي وعلماني حول مشروع قانون حد الحرابة – الجزء الثاني

الجزء الأول (هنا)
7- العلمانيه لا تبحث عن المساحات المشتركه بل تجبرنى على تنحيه دينى جانبا
بل العلمانية تطالبك بأن تلتزم بدينك كيفما شئت شريطة الا يؤثر التزامك ذلك سلباً على حريات غيرك من مواطنيك. العلمانية ليست قضية رفض تعاليم الدين او ازدراء التزاماته، كما يحلو للبعض تصويرها، انما هي بكل بساطة وتجريد، المطالبة بأن يكون لكل فرد حريته الدينية او حقه في الالتزام بعقيدته، لكن دون التدخل في شأن غيره من الافراد، وعدم التمييز بين مواطن وآخر على اسس دينية!


8- الاعلان العالمى لحقوق الانسان مش من عند ربنا، فمش كل حاجه يقولها تبقى هى الفيصل فى التفريق بين ما هو يوافق حقوق الانسان أو يخالفها
مرة اخرى عودة الى نقطة "من عند ربنا"... عزيزي ما تراه انت "من عند ربنا" قد لا يعتبره كذلك غيرك ممن لا يعتنقون دينك، والعكس صحيح. فتجنباً للصدامات الناتجة عن اختلاف البشر على ما يرونه "من عند ربنا"، وضعت الانسانية الحديثة الاعلان العالمي لحقوق الانسان (وغيرها من القوانين الوضعية) كمساحة مشتركة اتفق عليها الجميع مهما كانت توجاهتهم الدينية!
عزيزي ان كانت اعلانات الامم المتحدة غير ملزمة لأنها ليست كلام ربنا، اذاً على أي اساس تدعي ان الاقليات المسلمة مضطهدة في دول الغرب؟ بمنطقك، اعتراض المسلمين على منع الحجاب في المصالح الحكومية، او على منع وضع مكبرات الصوت اعلى المساجد، او على منع الموظفين المسلمين من الانصراف عن اعمالهم في مواقيت الصلاة، هو خروج للمسلمين – الأقلية – على آراء ارتضتها الأغلبية. اعلانات الامم المتحدة هي التي تسمح للأقلية المسلمة ان تقاضي الحكومات الغربية مطالبة بارتداء النقاب و... و... وتكسب تلك القضايا في مجتمعات اتفقت اغبليتها على عكس ذلك. صديقي، حقوق الانسان الغربية، التي هي "مش من عند ربنا"، هي التي تسمح لمنظمة مثل مجلس العلاقات الأمريكية الاسلامية    Council for American-Islamic Relations (CAIR) بالعمل بمنتهى الحرية على الأراضي الامريكية، رغم ان الشبهات تحوم حولها، وفق رؤية الإف بي آي، لاتصالها بحماس والاخوان المسلمين، وهى منظمات ارهابية او معاونة للارهاب وفق التصور الامريكي، الى جانب شبهات التمويل الاجنبي من دول المعادية لامريكا. ورغم كل هذه الشبهات والشكوك، فبسبب التزام الحكومة الامريكية بمواثيق حقوق الانسان التي هي "مش من عند ربنا"، تعمل المنظمة بمنتهى الحرية.
لماذا سعت الحكومة الفلسطينية للاعتراف بدولتها من اليونسكو التابعة من الامم المتحدة، تلك الهيئة التي كلامها "مش من عند ربنا"؟ الا يكفي اعتراف الدول الاسلامية التي لديها "كلام ربنا"؟ لماذا يستغيث المسلمون في كل مكان بالمجتمع الدولي، الذي مقاييسه وضوابطه هي مواثيق الامم المتحدة (مش من عند ربنا)، حين تسيل الدماء في ليبيا وسوريا او يموت الناس جوعاً في الصومال؟! الا يكفي تضامن الدول الاسلامية، التي تعرف ما هو "من عند ربنا"؟


9-وقد يرفض النائب وكتلته الالتزام بمادئ كفار الغرب، فنسأله اذاً: بعد تنفيذ احكام قطع الأيدي والأرجل والصلب، ما فائدة النقد والاستئناف؟ وماذا لو ظهرت براءة المتهم بعد تنفيذ احكام البتر؟ هل يجب حينئذ على من اتهمه زوراً التبرع بطرفه ليزرع في جسد المظلوم؟ وهل يطبق الحد على المسلمين فقط، فيكون تمييزاً فجاً بين ابناء الوطن الواحد؟ هل تقام الحدود على غير المسلمين ايضاً، فيكون هذا فرضاً لشريعة دينية غير شريعتهم عليهم؟

أ- مين قال انه ميبقاش فيه طعن و استئناف قبل الحكم ؟
عذراً صديقي، لكن هذا جهل بأبسط مبادئ القانون... الطعن على الحكم لا يكون الا بعد صدوره!!!

ب- طيب أحب أسئل حضرتك و أغلب ظنى أنك مسيحى ماذا يقول دينك فى تلك القضيه ؟ أرجو الاجابه دون تهرب
(انظر المقدمة)


10 - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 18. لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.
"وإذا كانت الجريمة مجرد إلقاء الرعب على الآمنين يتم حبس الجانى حتى تظهر توبته. وتنص المادة الأخيرة من المشروع على سقوط حد الحرابة فى حق من يعلن توبته من الجناة."

ايه علاقه ده بحد الحرابه ؟
نفس الرد على اعتراضك رقم (3). اوردت المادة 18 تفصيلاً للحريات الدينية، والتي تنتهكها فرض تشريع اسلامي على غير المسلمين.


11- خلاف قضية "شريعة الله" التي ناقشناها في أول المقال، يدَّعي النائب أن المصريين اختاروا الاسلاميين رغبة في تطبيق الشريعة! لا اعلم أي مصريين يتكلم عنهم النائب! انزل الى الشارع واسأل المارة: ماذا تريدون من البرلمان؟ اجزم ان ردودهم ستدور حول انابيب البوتاجاز وطوابير العيش والبطالة والثانوية العامة وزحام المواصلات وقمامة الشوارع – واجزم ان احداً لن يذكر الشريعة!

يبقى نشوف الناس عايزه ايه ، بس لو قالوا تطبيق الشريعه هتعمل ايه و قتها ؟ عشان هنا حضرتك محسسنى ان المعيار عندك هو الناس
طبعاً المعيار هو الناس! فاذا وافقت الاغلبية على تطبيق الشريعة بحدودها، فهو كذلك. لكن هل ستسمح لي الشريعة وقتها بالاعتراض عليها، مثل أي نظام سياسي صحي فيه الاغلبية وفيه المعارضة التي تنتقد سياسات الأغلبية وتقدم البدائل؟ هل ستُعامَل الشريعة حينذاك معاملة القوانين المدنية، من حيث التسليم بنسبيتها وإمكانية تطويرها أو تبديلها أو مناقشتها أو الاستغناء عنها إن لزم الأمر، مع وجود آليات للطعن أو الاعتراض أو إلخ – أم أنني سأجد من يرفع في وجهي، من جديد، "هذا شرع الله"، ويجعل معارضتي للحاكم باسم الشريعة كفراً، واخالني في غنى عن ذكر عقوبة الكفر في أي نظام حكم ديني؟


12-اشك ان النائب توقع أن يوجد بين صفوف الشعب انسان "فاضي" يفتش وراء دقة معلوماته. فمثلاً، طبقاً لإحصائيات الأمم المتحدة عام 2002، جاءت السعودية في المركز 48 من 82 دولة هي الأعلى في معدلات الجريمة. والحق يقال انه سجل جيد، حين نأخذ في الاعتبار أن الدول ذات معدلات الجريمة الأعلى في تلك السنة هي (تنازلياً) الولايات المتحدة الامريكية ثم المملكة المتحدة ثم المانيا ثم فرنسا!
لكن فات النائب ان الجريمة في آيسلاند مثلاً اقل من السعودية (المركز 52). أليس من الافضل اذاً ان نطبق القانون الجنائي الآيسلاندي؟ هل يعلم النائب ان نسبة جرائم القتل في آيسلاند عام 2010 وصلت الى 0.31% (أي عدد القتلى من كل 100،000 نسمة) مقارنة بـ 1.04% في السعودية (هنا)؟ وهذا مع أن حكومة آيسلاند لا "تردع" مواطنيها بالعقوبات الوحشية التي يدعي النائب أنها الحل – فقد الغت آيسلاند عقوبة الاعدام كليةً عام 1928م، واضاقت مادة في قانونها عام 1995م تمنع أي محاولات لاعادة عقوبة الاعدام

- المشكله أن حضرتك مفترض أن السعوديه بتطبق الشريعه . السعوديه مبتطبقش الشريعه ، بتطبق الحدود و مش كلها كمان . احنا عايزين تطبيق الشريعه اللى بتفرض العدل و توفير البيئه المناسبه الأول ثم بعد ذلك يأتى تطبيق الحدود .
الحقيقة ان واقع الموقف يناقض قولك! مشروع القانون هو، بكل وضوح، مشروع تطبيق حد من الحدود. تقدم النائب – وايدته في ذلك الاغلبية البرلمانية –  صراحة بمشروع تطبيق حد الحرابة قانوناً. اسأل سؤالاً بناءاً على اعتراضك، واترك الرد لك وللقراء الكرام: هل معنى تقديم مشروع قانون حد الحرابة أنه قد تم الآن " تطبيق الشريعه اللى بتفرض فرض العدل وتوفير البيئة المناسبة أولاً"، ومن ثَم فقد آن أوان تطبيق الحدود؟
ومَن ذَكَر السعودية مثالاً هو النائب (ارجو الرجوع الى نص الخبر الذي اوردته في مقالتي السابقة)، مدللاً على فوائد حد الحرابة بانخفاض نسبة الجريمة في السعودية. اذاً فمن الواضح ان النائب – بل الاغلبية البرلمانية التي ايدت مشروع القانون – تصدق على النموذج الذي تطبقه السعودية. سَمِّه شريعة، سَمِّه "مبتطبقش الشريعه، بتطبق الحدود و مش كلها كمان" او سَمِّه ما شئت، الخلاصة ان هذا هو النموذج الذي يحتذيه النائب وانصاره!
لذا، استخدمت مع النائب نفس منطقه؛ فإن كانت حجته في تطبيق حد الحرابة انخفاض معدلات الجريمة في السعودية، فحجتي بنفس المنطق هي انخفاض معدلات الجريمة في آيسلاند الى ما هو اقل من السعودية، دون احتياج الى "عقوبة رادعة" (كما قال النائب) مثل حد الحرابة – بل وتتفق آيسلاند مع مواثيق الأمم المتحدة، التي اعترضت انت عليها قبلاً. ورغم هذا وذاك، فمعدلات الجريمة في آيسلاند اقل بكثير من السعودية!

(تمَّ)