للزوار الجدد: لحظة من فضلك! نرجو الاطلاع على سياسة المدونة قبل قراءة التدوينات

Friday, January 13, 2012

تدوينة بقلم ليبرالي واطي

نُشِرَت يوم 22 مايو 2011. ولازالت، أيضاً، تصلح ليومنا هذا، للأسف!

ترددت وفكرت عدة مرات قبل الاستقرار على اختيار الاسم هذا، لِما فيه مِن لا مؤاخذة فجاجة، ولأنه شديد الشبه بالعناوين المستخدمة في الصحف الصفراء التي تُباع على الأرصفة بجوار المقاهي ومواقف الميكروباص. ولكنني استخدمته في نهاية المطاف لأنه مستوحى من رسالة وصلتني من عدة أيام. وهي كالآتي، اوردها كما هي بالنص:


يا لبرالي يا وااطي
خلقنا عشان نعبد ربنا
ليس من أجل الدنيا
اليبرالية من اسها لراسها غلط ياأخوي
أفكار هدامة ماااااااااااسونية
أهم أهدافها
الإبتعاد عن الله ورسله


طبعاً كمية المغالطات والخلط وعدم المعرفة في تلك الرسالة تكفي لملئ صفيحة سمنة ليس فقط تدوينة! تعبر هذه الرسالة عن حالة من "التهييس السياسي"، وليس قصدي بهذا التهكم على شخص الراسل، إنما لفت الأنظار لحالة "السذاجة السياسية" التي لا زال السواد الأعظم من الشارع المصري يتخبط فيه. ولا أدَّعي هنا أنني محترف سياسة – فعلاقتي بالسياسة المحلية بدأت، شأني شأن الكثيرين، يوم جمعة الغضب – ولكنني ارفض رفضاً قاطعاً الاكتفاء بثقافة السمع، واحاول أن الفت الانتباه إلى ضرورة أن يبحث كل مواطن بنفسه ولنفسه عن ماهية ما يسمعه وما يُعرَض عليه من أفكار.


لا اعتقد أن الصديق الذي يراني "ليبرالي واطي" سيقرأ هذا المقال، ولكنني اتمنى أن غيره ممن ينتهج نفس فكره قد يقرأه – وعلى كلٍ، سأحاول أن اقدم الليبرالية تقديماً بسيطاً مختصراً، ربما يستفيد به ليبرالي واطي آخر في نشر التوعية بمنهجه السياسي.


لفظياً، الليبرالية لفظ مُوَلََّد من الإنجليزية Liberalism  وتلك بدورها مشتقة من اللاتينية  Liberalis  أي، ببساطة، حُر1.

الليبرالية فلسفة سياسية تقوم على فكرتين رئيسيتين: الأولى هي الاتجاه إلى الانطلاق بحريات وحقوق الأفراد إلى أقصى حد، والثانية هي الإيمان بأن دور الدولة الأول هو حماية حقوق مواطنيها2 (لا علاقة لها إذن بحجاب ماما أو شورت أخي أو حظاظة ابن عمتي).


ويشاع خطأ عن الليبرالية أنها "الحرية المطلقة" – وهذا أيضاً من مفاهيم علم "التهييس السياسي". الحرية المطلقة نتيجتها الحتمية فوضى؛ أما حرية الفرد في الليبرالية حدودها حرية غيره من الأفراد (من فضلك أعِد قراءة الجملة السابقة). وهذا هو دور قانون الدولة: توفير المساحة التي امارس فيها حريتي (سياسية، فكرية، إبداعية، دينية وإن شالله حتى غذائية) مع حمايتي من تعديات غيري ومنعي من التعدي على غيري.


ليست الليبرالية - كمنهج فكريمسألة حرية شخصية و "برطعة" وحسب، إنما تمتد لتشمل الاقتصاد والاجتماع وحتى فهمك لدينك. الموضوع يا حضرات أعمق وأوسع بكثير من "السماح لشقق الدعارة تبقى عادي في كل حتة زي امريكا كده" (وهو تعريف لطيف آخر للعلمانية صادفته في تعليقات الفيسبوك(.


اما الليبرابية الاقتصادية – باختصار شديد لأن الدخول في تفاصيل سيعري جهلي المحرج بالاقتصاد – فهي التي تعمل باقتصاديات السوق الحر، وتحديد النفوذ الاحتكاري للشركات والهيئات، والمعونات الاجتماعية، وحماية المستهلك. جدير بالذكر أن الاقتصاد الليبرالي تعمل به حتى الحكومات ذات الاتجاهات المحافظة3.


في رأيي، روعة الليبرالية في نسبيتها، واستعدادها للتلون وفق أطياف المجتمع الذي ينتهجها. فالليبرالية لن تفرض على مجتمعنا المصري ذي الثقافة الإسلامية اتجاهات دخيلة أو غير متناسقة معنا، لكنها في نفس الوقت تتيح لي فرصة الاختلاف مع أطر مجتمعي الفكرية إن اردت.


ارجو أن يجد ولو نفر واحد أي إفادة فيما سبق.


وعلى فكرة، الليبرالية معناها إن أمك تلبس حجاب، بس معناها برضو إن أمي لو عايزة تلبس نـُص كُم.



المراجع
1.       Merriam Webster’s Collegiate Dictionary, Tenth Edition, 1995
2.       Britannica Concise Encyclopedia
3.       نفس المرجع السابق



0 comments:

Post a Comment